( الحلقة الخامسة عشرة والاخيرة من الفصل الاول ( السقوط في الوحل )
......................................................................................
أصدقائي الأعزاء ..تعالوا معي نستكمل معا الاحداث الساخنة من روايتي الطويلة ( رياح شيطانية ) حيث ستنتهي احداث الفصل الاول ( السقوط في الوحل ) اليوم بالحلقة الخامسة الخامسة عشرة ....فأعيروني انتباهكم ......
( ولقد دعاني جاك للدخول معه في تلك الشبكة العنكبوتية العالمية في البداية علي اساس انها للتجارة في الاعضاء البشرية والتي نسميها نحن ( قطع الغيار البشرية الطازجة ) ثم ما لبث ان زادني بمعلومة اخري انها تتاجر في الرقيق الابيض علي مستوي العالم اي في الدعارة المنظمة تنظيما عالميا بكل دقة حتي سقطت الي اعماق الاعماق في وحلهم حينئذ عرفت انها تهدف في الاساس الي زعزعة الامن والاستقرار في بلدان الشرق الاوسط كلها من المحيط غربا الي الخليج العربي شرقا ومن تركيا شمالا حتي اليمن جنوبا وحتي اعماق افريقيا في نيجيريا تحديدا ....
هنا قاطعه حسين مذهولا وقال في حدة واقفا فجأة :
--- دكتور زهير انت تقول كلاما في منتهي الخطورة يؤدي الي حبل المشنقة فورا
-- انا بقالي ياحسين امارس تلك اللعبة الخطيرة جدا اكثر من ثمان سنوات وكلما مر عام تزداد الشبكة العنكبوتية قوة وتماسكا واعدادا هائلا ...اجلس من فضلك ولا تقاطعني ..
ابتلع حسين محفوظ ما تبقي من لعاب حلقة الذي اصبح صحراء لاتجود بماء الا بسراب قاتل ..وجلس مرتعدا ....
--- دكتور جاك ادخلني في تلك الشبكة المتغلغلة في كل ربوع العالم اجمع في مقابل انشائه لمستشفاي وهذا ما حدث والوسيط بيني وبينه هو الدكتور جورج مارينو الايطالي ذلك العبقري في التحاليل الطبية الذي سوف أعرفك عليه فيما بعد ....
أفتر فاه حسين محفوظ من هول ما يسمعه قائلا :
-- تجارة الاعضاء البشرية ...ثم تجارة الرقيق الابيض ...ولكن ما علاقتهما بالأمور السياسية ؟ وكيفية زعزعة الامور وقلب انظمة الحكم في البلدان التي تستهدفها السي آي أيه ..الأمريكية والموساد الأسرائيلي ...كيف ؟ انا عقلي يكاد يجن ؟!!!!!
ربت علي كتفه زهير قائلا :
-- اهدأ وأخفض من صوتك ....اعرف انك مصدوم ...ولكن ساشرح لك ..:
-- شوف ياسيدي ..ببساطة لدينا جيش جرار من الغانيات الفاتنات الداعرات والمحترفات في اعطاء المتعة الجنسية للراغبين من الرجال وايضا لدينا جيش جرار آخر متخصص من الداعرين الفحول الأقوياء في اعطاء المتعة الجنسية للراغبات من النساء ....هؤلاء جميعا يتم خطفهم وهم اطفالا مشردين في بلدانهم سواء من جراء النزاعات المسلحة والتي ينجم عنها ضياع النسيج المجتمعي وتفككه او نتيجة الفقر المدقع في البلدان التي تتهاوي بسبب ذلك الفقر الذي ينشر الجهل والمرض وندرة التعليم ...ثم ناخذهم الي مراكز تاهيل في مناطق معينة يصرف عليهم الغالي والنفيس ليتم تدريبهم تدريبا عاليا علي تلك الاعمال ومنهم من يتم تجنيده في الجاسوسية ويتم زرعهم في البلدان المستهدفة والباقي منهم من يكون حظه التعس انه لا يمتلك مقومات الجمال او الذكاء فيقتل وتؤخذ اعضاءه .....
جن جنون حسين محفوظ ووقف ثانيا ولف حول نفسه وهو يقول :
-- والشبكات دي موجود منها حاليا في مصر :!!!!
ازدادت ضحكات زهير الصامتة وأجاب :
-- ياعزيزي ألا تشعر بما يجري الآن علي الساحة السياسية ..من مظاهرات مختلفة لاكثر من فصيل سواء 6 أبريل ....أو الاخوان المسلمين ...أو غيرهم ....البلد في اوائل يناير 2011 سوف تنفجر قريبا ....
-- وعرفت منين ان كل ده هايحصل ؟!!!!
--- وهل أنت غبي الي هذا الحد ؟ أنا بقالي أكثر من ساعة أبوح لك بكل الاسرار الخطيرة جدا وفي النهاية تسالني سؤالا طفوليا ؟!!!!
--- عفوا عفوا استاذي ولكنها المفاجأة التي اذهلتني وجعلتني اتخبط بلا تفكير
-- أنا أمتك عمارة ضخمة في الزمالك علي النيل مباشرة خصصت فيها دورين كاملين لذلك الامر ...دور للنساء .والآخر للرجال
ابتسم حسين بسخرية وهو يترنح في مكانه وتساءل :
-- طيب والزباين بتعرف ازاي ؟!!!!
--- يظهر ان الموضوع أخد اهتمامك قوي ..أوعي تفكر تقدم نفسك هناك ...أنا عاوزك في الطب يامجنون ...ههههههه
-- لا لا ..هوا انا مجنون ..سؤالي علي سبيل حب الاستطلاع ليس اكثر
-- ده شغلنا احنا بقا ...بنعمله عن طريق القوادين والقوادات وعلي فكرة دول ناس محترفين في اصطياد الزيائن الثقال جدا وصدقني فيه ناس بارزين في مجتمعنا بيحضروا سواء ستات أو رجال علي حد السواء وايضا متزوجين ومتزوجات وبيدفعوا بالعملة الصعبة لان الموجودين من الداعرات والداعرين من جنسيات مختلفة ايضا
-- طيب عفوا يا دكتور زهير وهل هؤلاء الزبائن يعرفون بان المكان ملك لسيادتك علي اعتبار انهم من سيدات وسادات المجتمع ؟!!! أقصد أغلبهم يعني ؟
سخر زهير من كلام حسين محفوظ وقال في حدة :
-- للمرة الثانية اسمع منك كلام لا يصدر الا من غبي !!!!.... طبعا لا ولا ثم لا وألف لا ..لان النشاط يدار بحذر متناهي يقوم علي ادارته أناس معروف عنهم الشدة والغلظة ونثق فيهم ثقة عمياء وكل من يدخل للممارسة سواء رجل او سيدة يصور بالفيديو بالصوت والصورة لذلك لايمكن باي حال من الاحوال ان يفضح نفسه او نفسها وتنبت ببنت شفة لانهم سوف يذهبون الي الجحيم ويبقي اسم العالم الدكتور زهير والجراح العالمي وصاحب العمارة منزها وشريفا وفوق مستوي الشبهات وغير ذلك فلنا في الاحزاب السياسية المختلفة ومن المسئولين الكبار من يدعمنا دعما كبيرا غندما تقع المشكلات الكبيرة
ارتمي حسين محفوظ الي أريكته ثانية وقال في حسرة :
--- صحيح صحيح ...أنا آسف يادكتور ..أقدم اعتذاري ..
هدهد عليه زهير الذي لم يجلس من بداية الحوار وهو يروح ويجيئ بمكتبه ثم قال له :
-- أعود اليك أنت شخصيا وأين سيكون مكانك بعد سماعك لكل تلك الاسرار الخطيرة جدا وعلي فكرة الحديث الذي يدور معك الآن مسجل بالفيديو وهو الان في امريكا مع دكتور جالك ....
ينتفض حسين محفوظ انتفاضة مروعة وهو يقول مرعوبا :
--- أنا هوا انا بقيت معاكم بالسرعة دي !!!!!
--- لمجرد انك عرفت كل شيئ فلقد اصبحت معنا ...أنت من الآن ذراعي اليمين في المستشفي ..صحيح ان الدكتور منصور هوا مدير عام المستشفي ولكن أنت من هذه اللحظة ستكون النائب الأول لي يعني انا سأصدر قرارا غدا في الصباح بجعلك ( النائب الاول لرئيس مجلس ادارة المستشفي ) وستكون انت المسئول الاول والأخير أمامي عن المستشفي كلها ...
تهللت اسارير حسين وقال في ابتسامة عريضة :
-- صحيح يا دكتور زهير بتتكلم جدا !!!!
-- طبعا يا بني ...هوا انتة عمرك شوفتني امزح في العمل
-- بصراحة لأ دا ئما أنت في قمة الجدية والروعة أنا ..أنا موش مصدق نفسي بصراحة
-- يا حسين أنا أريد التفرغ في الفترة القادمة لما هو هام وأهم ومهم .البلد كلها أيام وتصبح فوق بركان وتحت زلزال سيدمر كل شيئ الحياة كلها ستتغير في مصر ...
-- ازاي يعني ...؟!!!!
غضب زهير من مقاطعة حسين له وقال :
انتة ليه بتقاطعني اصبر خليني أخلص حواري معاك
-- حاضر حاضر حاضر ....
-- زيارتي بعد اعطائك مسؤلية ادارة المستشفي ستكون قليلة وانا سأزودك بأفراد أمن أقوياء جدا وكاميرات مراقبة في كل مكان تحسبا للايام القادمة ...وسأزور المستشفي من حين لآخر لانني سانشغل بامور هامة جدا لايتيح لي المجال لشرحها لك الآن ...
--- حاضر يادكتور لا تحمل هم ذلك
-- الأمر الثاني والمهم أيضا هو ...التركيز علي موضوع الأعضاء البشرية للمرضي الذين يموتون طبيعيا والمرضي الآخرين الذين نتدخل نحن في موتهم لنرحمهم من عذاب الالم والحياة الصعبة ...شخصان فقط سيقومان باستئصال تلك الأعضاء التي ستطلب منهما حسب الاحتياجات التي تاتينا من الخارج ...وهما أنت والدكتور منصور ...أكرر أنت والدكتور منصور فقط لاغير ..وعلي فكرة منصور علي علم بهذا الاجتماع وهو عضو هام معنا بالشبكة
تعجب حسين محفوظ قائلا :
حتي الدكتور منصور ...معكم ....أنت في منتهي الدهاء والذكاء تعد وتحسب لكل صغيرة وكبيرة
-- والا ما كنت الدكتور زهير أيها الأحمق ....
علي فكرة معلومة أخيرة ..ان جورج مارينو هو الذي ياخذ الاعضاء مني ويعطيني ثمنها وهو الذي يقوم بتهريبها خارج البلاد بطريقتهم الخاصة مهمتي تنتهي الي حد التسليم فقط ..سكت زهير عن البوح بكل أسراره ..ثم جلس منهكا تعبا من كثرة الكلام والتحرك في جميع ارجاء غرفة مكتبه الفخمة ومرت اللحظات الخطيرة لاخطر اجتماع في حياة حسين محفوظ ثم ضغط زهير الجرس لتأتي الخادمة في التو واللحظة فقال لها :
-- اعملي لنا فنجانين قهوة ومعاهم كوبين كبيرين من الماء
-- حاضر سيدي تحت أمرك
ظل زهير صامتا وهو يجلس امام مكتبه واضعا راسه بين كفيه وحسين محفوظ يراقبه في صمت وخوف مختلط بفرحة نابعة من داخله ....مرت الدقائق علي هذا الصمت حتي اتت الخادمة بالقهوة ثم طلب منها الا يدخل عليهما احد وكانت الساعة قد تخطت منتصف الليل بدفائق عشر ...هب زهير واقفا من جديد وهو يمسك فنجان قهونه بعد ان شرب كوب الماء الكبير بأكمله كمن كان يطفئ نارا مشتعلة في جوفه اما حسين فقد تناول فنجانه وهو ينظر الي استاذة وقد انتابته حالة من الفزع كاد يرتجف منها
فجأة تكلم زهير في حدة وصرامة :
-- حسين ..لقد أبحت لك بكل أسراري الخطيرة والتي اذا خرجت من جدران صدرك هذا فسوف يكون العقاب عسيرا جدا وفظيعا وهو ليس موتك فحسب بل موت أبيك ..وأمك ..مفهوووم ؟ ...وعلي فكرة اياك من هويدا ...أنا أحذرك منها ...اياك ان تعرف هي الأخري أي شيئ عن نشاطنا فهي لا تعلم مطلقا بأي شيئ
كان هذا التحذير الصارم من زهير لحسين بمثابة تهديد واضح وصريح لأنه يريد بناءه كما يريد ..هو يريد أن تستفحل أنشطته أكثر وأكثر لقد أصبحت عند زهير الشراهة الكافية لابتلاع العالم بااسره في بطن اطماعه التي لا ولن تنتهي الا بفنائه وتلك للاسف غريزة متأصلة في قلب كل انسان طامع ...فجأة تقدم زهير نحو درج مكتبه ثم أخرج ورقة قدمها لحسين محفوظ ومعها قلما وقال له :
-- اقرأها بعناية ثم قم بالتوقيع عليها باسمك كاملا ثم اخذ من اصبعك السبابة بصمتين علي الاقرار وهات بطاقتك لكي آخذ منها صورة
نظر حسين في تلك الورقة وقرأها في دهشة وكاد أن ينخلع لها قلبه حيث كتب زهير فيها مايأتي :
-- ( أقر أنا الدكتور/ حسين محفوظ محمد محفوظ الشرقاوي بأنني أعمل في مستشفي زهير التخصصي بالهرم طبيبا جراحا وبوظيفة النائب الاول لرئيس مجلس الادارة ومدير قسم جراحات القلب والقسطرة ..بأنني قمت بأعمال منافية لأمانة مهنتي كطبيب وهي أعمال غير انسانية بحق مرضاي حيث قمت بسرقة أعضاء حيوية من أجسادهم فور موتهم وقتل البعض منهم لنفس الغرض وانني اقوم بالاتجار فيها وبدماء مرضاي مقابل مبالغ طائلة وان ذلك كنت اقوم به بدون علم صاحب المستشفي ورئيس مجلس ادارتها وليس عليه ادني مسؤلية في ذلك الأمر وانني أتحمل المسئولية الكاملة وحدي وأنني قمت بالتوقيع علي هذا الاقرار وانا في كامل قواي العقلية وبدون ضغط او تعذيب من أحد وانه بمثابة اعتراف كامل مني بكل ما قمت به قي حق مرضاي وضحاياي مبديا أسفي وندمي علي كل تلك الأعمال التي تتعارض والانسانية جمعاء وانني سأتقبل الحكم الجنائي الذي سيصدر علي وهذا اعتراف مني بذلك ) ...
قفز حسين محفوظ قفزة جنونية الي اعلي قلحق به زهير مهدئا اياه وواضعا كفه علي فمه حتي لايسمعهم احد من اسرته او يشعر بشيئ وبعد ان هدا وجلس علي كرسيه قال له زهير وهو مازال يصارع دقات قلبه المتدفقة في خوف جنوني :
--- اهدأ اهدأ ياحسين اهدأ بصراحة توقيعك علي هذا الاقرار ضمانا لي حتي لا تقوم بخيانتي في يوم من الأيام ...أما مقابل ذلك فهو هذا المبلغ الضخم الذي وقعت لك عليه في هذا الشيك البنكي ...أنا أقدم لك الآن شيك بخمسة مليون جنيه ستصرفه في الصباح من البنك التجاري الدولي فرع الجيزة ...وذلك دفعة أولي ...وعندما تقوم بفعل كل ما أطلبه منك علي الوجه الأكمل سوف يزداد راتبك في المستشفي الي ( مائة ألف جنيه شهريا ) ..أما المفاجأة الثالثة وهي أنني سأساعدك ومن الآن بالتحضير للماجستير ..وسوف تحصل علي الدكتوراه بمساعدتي ومن شيكاغو وتحت اشراف دكتور جاك ..ولا تخف من ذلك الاقرار لأنني أحمي حياتي منك ..اذا أردت يوما أن تسلبها مني ...اجلس واهدأ .......
ارتمي حسين محفوظ الي مقعده ثانية وهو ممسك بالاقرار ...لكن تلك الاغراءات الهائلة التي عاجله بها زهير بذكاء شديد جعلته يوافق وبسرعة غير متوقعة من زهير ..فها هو الآن يقوم بالتوقيع والبصمة كما طلب منه تماما وتهللت اسارير زهير الذي اخذ بطاقة حسين وقام بتصويرها من ماكينة تصوير خاصة في مكتبه انتهي الامر واخذ زهير الاقرار الذي سيحميه من حسين ...غير مصدقا نفسه بان الامر قد مر بتلك السرعة المذهلة ومن جلسة واحدة ...لقد تحرك المارد الساكن بداخل حسين واستفحل وكأن اغراءات زهير هي التي أخرجته من مكمنه فأصبح لديه الاستعداد التام بأن يكون ألف زهير ...وليس زهيرا واحدا ..وهذا ما وعده به حين قال بعد أن تسلم منه الشيك الضخم :
-- شوف يادكتور زهير ....الفرصة لا تأتي الا مرة واحدة في العمر ...وبما أنها قد جاءتني الآن ....فلن أتركها تخرج من ذلك الشباك ....وأنا الآن تحت كامل تصرفك التام أستاذي الجليل .....
وهكذا ..تم الاجتماع الخطير ...وانتصف ليل القاهرة ..وتسلم التلميذ من أستاذه شيك السقوط في وحل الخطيئة ..معلنا بذلك ميلاد وحش كاسر كشر عن أنيابه ..مبكرا لينهش في أجساد البشر بكل صنوف الأسلحة .وموت البراءة والشرف كانتا منذ قليل صفتين ..لشاب أتي من الريف يحملهما كرأس مال ليبدأ بهما حياته ...الا أنه قذف بهما في الوحل والهاوية .
.......................................................................................................
الي هنا نتوقف وقد انتهينا من احداث الفصل الاول ( السقوط في الوحل ) علي مدي خمسة عشر حلقة ...ونستكمل غدا مسيرتنا في بداية الفصل الثاني من الرواية ( القتلة ) ...أعزائي شكرا لحسن متابعتكم والي اللقاء غدا بمشيئة الله تعالي
تحياتي لكم / الكاتب
عاطف عبد الله

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق